وبحلاوتى مجنناهم
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
الخطوة الاخيرة

 

 قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
هبة حسن
عضو vip
عضو vip
هبة حسن


تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 16/03/2011
عدد المشاركات عدد المشاركات : 4529

قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر Empty
مُساهمةموضوع: قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر   قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر I_icon_minitime9/11/2011, 8:18 pm

قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر

أولا/ تمهيد قبل الدخول إلى القصة
1- الحكمة من الابتلاء؟
الابتلاء سنة ماضية قدرها الله على عباده المؤمنين ، لأن الإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف؛ فلا يكفي أن يقول الناس: آمنا، وانتهى الأمر فإن لكل قول حقيقة ، فلابد أن يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم.
قال تعالى :{ أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يتركواْ أَن يقولواْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } العنكبوت 2،3
أصل كلمة فتنة في اللغة :
ولو نظرنا إلى أصل كلمة (فتنة) في اللغة العربية نجده مقتبسا من فتن الذهب إذا وضع في النار، لأن هذا المعدن حينما يستخرج من باطن الأرض يكون مختلطا بالشوائب وبعض المعادن، فلكي يصفى وتذهب عنه تلك الشوائب، فانه يحتاج إلى (الفتنة)؛ أي يعرض على النار فتذوب الشوائب فيها ويبقى الذهب ببريقه وصفائه، ومن ذلك قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} الذاريات: 13.
فما هو معنى الفتنة للمؤمنين ؟
إنها تعني؛ أن في داخل المؤمن بقايا من رواسب الذنوب والخطايا.. والفتنة هي التي تتكفل بإزالة رواسب الذنوب، والألم الذي يعاني منه الإنسان في هذه الحالة، يؤدي إلى تطهير القلب، كما تطهر النار الذهب من الرواسب العالقة به.
2- لا حياة بدون ابتلاءات:
وعلى هذا الأساس فان الحياة الدنيا لا تخلو من المشاكل والمعاناة والمنغصات الكثيرة،قال تعالى (لقد خلقنا الإنسان في كبد)البلد4
ومن يظن أن الدنيا يدوم صفوها فهو واهم ،لأن الدنيا دار ابتلاء ،أما الراحة فهي عند الله في الجنة دار السلام ؛ كما قال الإمام أحمد لما سئل متى الراحة ؟ قال عند وضع أول قدم في الجنة.
3- يبتلى المرء على قدر دينه :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)
فالله سبحانه حينما يبتلى يعطي كل واحد بما يطيقه ويتحمله إيمانه ،فبلاء الأنبياء ليس كبلاء من دونهم في الإيمان ، فكل يبتلى على قدر دينه
4- الرضا والتسليم عند البلاء :
فالمؤمن عنده يقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فليس له عند وقوع البلاء إلا الصبر والثبات والتلفظ بما يرضي الله فيقول (قدر الله وما شاء فعل ) ويستحضر عظم الأجر عند الله فذلك مما يخفف وقع المصيبة على المسلم،وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى بقوله : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له ) رواه مسلم
والصبر عند وقوع البلاء ليس وليد اللحظة، إنما الصبر مخزون إيماني داخل القلب، كرصيدي المالي في البنك أسحب منه عند الأزمات.
فما يدعيه بعض ضعاف الإيمان من سوء الحظ والنحس ، وسوء الطالع ، كل هذا ينم عن ضعف في العقيدة ، فكل شيء بيد الله ولا يقع إلا بمشيئته .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المؤمن القوي خير، وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كلٍّ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تَعْجَز .. وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله، وما شاء فعل، فإن لَوْ تفتح عمل الشيطان" رواه مسلم.
معنى قوله تعالى (وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) النساء 125
سمي الخليلخليلاً لأن محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللاً إلاَّ ملأته.
ومعنى ( وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ) أي اصطفاه الحق اصطفاءًخاصاً، لأن الحب قد يُشارَك فيه، فهو سبحانه يحب ٱلتَّوَّابِينَ والْمُتَّقِينَ وٱلصَّابِرِينَ .....الخ
لكنه اصطفى إبراهيم خليلاً، أي لا مشاركة لأحد في مكانته، أما الحب فيعم، ولكن الخلَّة لا مشاركة فيها.
ولذلك نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لو كنت متخذا من العباد خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن صاحبكم خليل الله تعالى) يعني نفسه ".
الفرق بين المحبة والخلة :
قال شيخالإسلام ابن تيمية رحمه الله :
الخلة هي كمال المحبة المستلزمة من العبد كمالالعبودية لله ومن الرب سبحانه كمال الربوبية لعباده الذين يحبهم ويحبونه ، ولفظالعبودية يتضمن كمال الذل وكمال الحب فإنهم يقولون قلب متيم إذا كان متعبدا للمحبوب، والتيم التعبد ، وتيم الله عبده ، وهذا أعلى الكمال حصل لإبراهيم ومحمد -صلى اللهعليهما وسلم- ولهذا لم يكن له من أهلا لأرض خليل ، إذ الخلة لا تحتمل الشركة فإنهكما قيل في المعنى قد تخللت مسلك الروح منى ... وبذا سمى الخليل خليلابخلافأصل الحب فإنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال في الحديث الصحيح في الحسن وأسامة : اللهم إني أحبهما فأحبهما ، وأحب من يحبهما ، وسأله عمرو بن العاص : أي الناس أحبإليك ؟قال ;عائشة. قال: فمن الرجال ؟ قال;أبوها وقال لعلى رضى الله عنه: ;لأعطينالراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وأمثال ذلككثير.
وقدأخبر تعالى أنه يحب المتقين ، ويحب المحسنين ، ويحب المقسطين ويحب التوابين ، ويحبالمتطهرين ، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ،وقال: { فسوف يأتيالله بقوم يحبهم ويحبونه } ، فقد أخبر بمحبته لعباده المؤمنين ومحبة المؤمنين لهحتى قال { والذين آمنوا أشدحبا لله }.4
وقال رحمهالله الخليلين هما أكمل خاصة الخاصة توحيدا فلا يجوز أن يكون في أمة محمد صلى اللهعليه و سلم من هو أكمل توحيدا من نبي من الأنبياء فضلا عن الرسل فضلا عن أولي العزمفضلا عن الخليلين .
وكمال توحيدهما بتحقيق إفراد الألوهية وهو أن لا يبقى فيالقلب شيء لغير الله أصلا بل يبقى العبد مواليا لربه في كل شيء يحب ما أحب ويبغض ماأبغض ويرضى بما رضي ويسخط بما سخط ويأمر بما أمر وينهى عما نهى5
وقال ابنالقيم رحمه الله :
الخُلّة هي توحيد المحبة، فالخليل هو الذي توحد حبه لمحبوبه وهيرتبة لا تقبل المشاركة، ولهذا اختص بها العالم الخليلان إبراهيم ومحمد صلوات اللهوسلامه عليهما قال تعالى: (واتَخَذَ اللهُ إبراهيم خليلاً)
وصح عن النبيصلى الله عليه وسلم أنه قال: [ إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ] وقال صلى الله عليه وسلم: [ لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكرخليلاً،ولكن صاحبكم خليل الرحمن ]، وقال صلى الله عليه وسلم: إني أبرأ إلى كلخليل من خلته
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
وقول بعض الناس إن محمدا حبيب الله وإبراهيم خليل الله ، وظنه أنالمحبة فوق الخلة ، قول ضعيف ، فإن محمدا أيضا خليل الله ، كما ثبت ذلك في الأحاديثالصحيحة المستفيضة اهـ .
وقال ابنالقيم رحمه الله :
وقد ظن بعض من لا علم عنده أن الحبيب أفضل من الخليل ،وقال : محمدحبيب الله ، وإبراهيم خليل الله . وهذا باطل من وجوه كثيرة :
منها : أنالخلة خاصة ، والمحبة عامة . فإن الله يحب التوابين ،ويحب المتطهرين ، وقال فيعباده المؤمنين : ( يحبهم ويحبونه) .
ومنها : أنالنبي نفى أن يكون له من أهل الأرض خليل ، وأخبر أن أحب النساء إليه عائشة ، ومنالرجال أبوها .
ومنها : أنهقال : ( إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا) .
ومنها : أنهقال : ( لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الإسلامومودته ) اهـ.
الحكمة من أمر الله إبراهيم بذبح ولده :
والمقصود من هذا الابتلاء إظهار عزمه وإثبات علوّ مرتبته في طاعة ربّه فإن الولد عزيز على نفس الوالد، والولد الوحيد الذي هو أمل الوالد في مستقبله أشدّ عزّة على نفسه لا محالة، وقد علمتَ أنه سأل ولداً ، فبعد أن أقرّ الله عينه بإجابة سؤله وترعرع ولده أمره بأن يذبحه وذلك أعظم الابتلاء. فقابَل أمر ربه بالامتثال وحصلت حكمة الله من ابتلائه، وهذا معنى قوله تعالى:
{ إنَّ هٰذَا لهو البلاء المبينُ } الصافات: 106.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام(274):
(ولما اتَّخذه ربُّهخليلاً؛ والخَلّة هي كمال المحبَّة، وهي مرتبة لا تَقبَلُ المشاركةَ والمزاحمةَ،وكان قد سأل ربَّه أن يهَبَ له ولدًا صالحًا، فوهَب له إِسماعيلَ، فأخذ هذا الولدُشعبةً من قلْبه، فغار الخليلُ على قلب خليلِه أن يكونَ فيه مكانٌ لغيرِه، فامتحَنَهبذَبْحِه ليظهرَ سرُّ الخَلّة في تقدِيمه محبّةَ خليلِه على محبَّةِ ولدِه، فلمَّااستسلم لأمر ربّه، وعزم على فعله، وظهر سلطان الخَلَّة في الإقدام على ذبح الولدإيثارًا لمحبَّة خليله على محبّته، نسخ الله ذلك عنه، وفداه بالذِّبح العظيم، لأنَّالمصلحة في الذَّبح كانت ناشئةً من العزم وتوطين النَّفس على ما أمر به، فلمَّاحصلت هذه المصلحة، عاد الذَّبح مفسدة، فنُسخ في حقِّه، فصارت الذَّبائح والقرابينمن الهدايا والضَّحايا سُنَّة في اتّباعه إلى يومالقيامة)
والآن مع قصة الذبيح :
قال تعالى { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينِ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ قَالَ يٰبُنَيَّ إِنِّيۤ أَرَىٰ فِي ٱلْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَٱنظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يٰأَبَتِ ٱفْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ سَلاَمٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }الصافات 110:99
شدة البلاء في قصة الذبيح :
رزق إبراهيم بولده إسماعيل في سن كبير ، ورد في التوراة أنه كان في السادسة والثمانين من العمر ،ولنا أن نتخيل كم يكون قدر هذا الطفل الذي جاء على شوق كبير وانتظار طويل ، كم يكون قدره عند والديه ومحبتهما له ، ثم تأمل كيف بلغ إسماعيل مرحلة السعي أَيْ كَبِرَ وَتَرَعْرَعَ وَصَارَ يَذْهَب مَعَ أَبِيهِ وَيَمْشِي مَعَهُ ، وعلى هذا فإن إسماعيل في سن بداية الشباب ثلاثة عشر عاما تقريبا ، ووالده قد أتم المائة عام ، ومن المعلوم أن الوالد حينما يكبر في السن يزداد ضعفه ، ويبدأ في الاعتماد على ولده بصورة كبيرة .
والابتلاء فى حَقِّ سيدنا إبراهيم - عليه السلام - ابتلاءٌ مركَّب هذه المرة، فقد ابتُلِىَ فى شبابه حين أُلْقى فى النار، فنجح فى الابتلاء، أما هذه المرة فالابتلاء وهو شيخ كبير، جاءه الولد على كِبَر، فهو أحبُّ إليه من نفسه ويُؤمَر بقتله.

ونلاحظ شدة البلاء حينما يأمر الله تعالى أن يتولى إبراهيم بنفسه الذبح ، لم يخبره الله أنه سيموت فيهون الأمر، ولا يطلب منه أن يرسل بابنه الوحيد إلى معركة، ولا يطلب منه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته.. إنما يطلب إليه أن يتولى هو بيده..... يتولى ماذا؟
يتولى ذبحه.. وهو ـ مع هذا ـ يتلقى الأمر هذا التلقي، ويعرض على ابنه هذا العرض؛ ويطلب إليه أن يتروى في أمره، وأن يرى فيه رأيه!
ونلاحظ أن إسماعيل كان هو الوحيد في هذا الوقت ليس له أخوة آخرين ، لو تخيل أحدنا هذا الأمر ماذا لو أمرك الله بذبح ولدك وحيدك ؟ هل تقوى على ذلك ؟ والله إنه لبلاء لا يطيقه إلا الأنبياء .
يقول تعالى ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْي قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَام أَنِّي أَذْبَحك َانْظُرْ مَاذَا تَرَى ) عبّر بالمضارع، والرؤيا قد انتهت، فلم يقل : إني رأيت ، كأنّ إبراهيم عليه السلام يشاهد الرؤيا وقت كلامه مع ابنه، فهو يستحضر ذلك وهو يخاطبه، وهذا أهون في التزام الأمر.

يا لله! ويا لروعة الإيمان والطاعة والتسليم..

هذا إبراهيم الشيخ الذي تجاوز المائة ، المقطوع من الأهل والقرابة، المهاجر من الأرض والوطن،ها هو ذا يرزق في كبره بغلام، طالما تطلع إليه مشتاقا فلما رزق به ما كاد يأنس به، ويبلغ معه السعي، ويرافقه في الحياة.. ، حتى يرى في منامه أنه يذبحه!!!
ويدرك أنها إشارة من ربه بالتضحية. فماذا؟ إنه لا يتردد، ولا يخالجه إلا شعور الطاعة، والتسليم.. نعم إنها إشارة، مجرد إشارة، وليست وحياً صريحاً، ولا أمراً مباشراً. ولكنها إشارة من ربه.. وهذا يكفي.. هذا يكفي ليلبي ويستجيب. ودون أن يعترض، ودون أن يسأل ربه.. لماذا يا ربي أذبح ابني الوحيد؟!

ولكنه لا يلبي في انزعاج، ولا يستسلم في جزع، ولا يطيع في اضطراب.. كلا إنما هو القبول والرضا والطمأنينة والهدوء.
يبدو ذلك في كلماته لابنه وهو يعرض عليه الأمر الهائل في هدوء وفي اطمئنان عجيب:{ قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك. فانظر ماذا ترى }.

لماذا أخبر إبراهيم ولده بالأمر ؟
إن إبراهيم لم يأخذ ابنه على غرة لينفذ إشارة ربه، وينتهي؛ إنما يعرض الأمر عليه كالذي يعرض المألوف من الأمر؛ فالأمر في حسه هكذا..... ربه يريد. فليكن ما يريد. على العين والرأس، وابنه ينبغي أن يعرف، وأن يأخذ الأمر طاعة وإسلاماً، لا قهراً واضطراراً، لينال هو الآخر أجر الطاعة، وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم!

إنه يحب لابنه أن يتذوق لذة التطوع التي ذاقها؛ وأن ينال الخير الذي يراه هو أبقى من الحياة وأقنى..
أَعْلَمَ اِبْنه بِذَلِكَ لِيَكُونَ أَهْوَن عَلَيْهِ وَلِيَخْتَبِرَ صَبْره وَجَلَده وَعَزْمَهُ فِي صِغَره عَلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى وَطَاعَة أَبِيهِ " قَالَ يَا أَبَتِ اِفْعَلْ مَا تُؤْمَر " أَيْ اِمْضِ لِمَا أَمَرَك اللَّه مِنْ ذَبْحِي " سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّه مِنْ الصَّابِرِينَ " أَيْ سَأَصْبِرُ وَأَحْتَسِب ذَلِكَ عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .
إنه يتلقى الأمر لا في طاعة واستسلام فحسب، ولكن في رضى ويقين.. ولم يقُلْ: افعل ما تريد؛ لأن طاعته لأبيه هنا من باطن طاعته لله تعالى وامتثاله لأمر ربه، فهو يدرك تماماً أن أباه مُتلَقٍّ الأمر من الله، وإنْ جاء هذا الأمر في شكل رؤيا، إذن: هو يعلم رغم صِغَره أن رؤيا الأنبياء وَحْىٌ حَقٌّ.

وسيدنا إبراهيم ينادى ولده { يٰبُنَيَّ } هكذا بالتصغير، لأن بُنى تصغير ابن فلم يقل يا ابني، فقد أوثقه الحنان الأبوي، وعرض عليه هذا الابتلاء، وهو مشحون بعاطفة الحب لولده والشفقة عليه، لأنه ما يزال صغيراً ، ويجيب الابن { يا أبت }وأصلها أبي والتاء أضيفت للتعظيم والتوقير .
(يا أبت ) هكذا في مودة وقربى، فشبح الذبح لا يزعجه ولا يفزعه ولا يفقده رشده. بل لا يفقده أدبه ومودته.
رؤيا الأنبياء وحي :
رُؤْيَا الْأَنْبِيَاء وَحْيٌ ، لأن الأنبياء ليس للشيطان عليهم في التخييل سبيل، ولا للاختلاط عليهم دليل، وإنما قلوبهم صافية، وأفكارهم صقيلة، فما ألقي إليهم ونفث به الملك (جبريل ) في رُوعهم، وضرب المثل له عليهم فهو حق، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنهافي حادثة الإفك : وما كنت أظن أنه ينزل في قرآن يتلى، ولكن رجوت أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها".ولعل السر في كونه مناماً لا يقظة أن تكون المبادرة إلى الامتثال أدل على كمال الانقياد والإخلاص .
مشهد الذبح :
{ فلما أسلما وتله للجبين } يعنى: ألقاه على وجهه، حتى لا يرى أبوه وجهه ساعةَ يذبحه، فتأخذه الشفقة به، فلا يذبح، وكأن الولد يُعين والده ويساعده على إتمام الأمر، وهكذا الاستسلام واضحاً، فالولد مُلقىً على الأرض، والوالد في يده السكين، يحاول بالفعل ذَبْح ولده، وأىّ ولد؟ ولده الوحيد الذى رُزِق به على كِبَر.
إن الرجل يمضي فيكب ابنه على جبينه استعداداً. وإن الغلام يستسلم فلا يتحرك امتناعاً، وقد وصل الأمر إلى أن يكون عياناً.

أرأيتم قلباأبويا................يتقبل أمرا يأباه
أرأيتم ابنا يتلقى ................أمرا بالذبح و يرضاه
ويجيب الابن بلا فزع ..................إفعل ماتؤمر أبتاه
لن أعصي لإلهيأمرا................من يعصي يوما مولاه
واستل الوالد سكينا .................واستسلم ابن لرداه
ألقاه برفقلجبينٍٍ................كي لا تتلقى عيناه
وتهز الكونضراعات.................ودعاء يقبله الله
تتوسل للربالأعلى..................أرض وسماء ومياه
ويجيب الحق ورحمته ...............سبقت في فضل عطاياه
صدقت الرؤيا لاتحزن................ يا إبراهيم فديناه
لقد أسلما.. فهذا هو الإسلام، هذا هو الإسلام في حقيقته، ثقة وطاعة وطمأنينة ورضى وتسليم.. وتنفيذ.. وكلاهما لا يجد في نفسه إلا هذه المشاعر التي لا يصنعها غير الإيمان العظيم.

وهنا كان إبراهيم وإسماعيل كانا قد حققا الأمر والتكليف، ولم يكن باقياً إلا أن يذبح إسماعيل، ويسيل دمه، وتزهق روحه.. وهذا أمر لا يعني شيئاً في ميزان الله، كان الابتلاء قد تم، والامتحان قد وقع، وغاياته قد تحققت، ولم يعد إلا الألم البدني، والله لا يريد أن يعذب عباده بالابتلاء. ولا يريد دماءهم وأجسادهم في شيء.
وعرف الله من إبراهيم وإسماعيل صدقهما، فاعتبرهما قد أديا وحققا وصدقا، فلما وصل إبراهيم وولده إلى هذه الدرجة من الاستسلام لله، ناداه الله { وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْبَلاَءُ ٱلْمُبِينُ } الصافات: 104-106

يعنى: ارفع يدك يا إبراهيم عن ذبح ولدك الوحيد، فما كان الأمرُ إلا بلاءً مبيناً، أى: واضح قاسٍ عليك أنت وولدك، وهو مبين لأنه يُبين قوة عقيدة إبراهيم - عليه السلام - فى تلقِّى الأمر من الله، وإنْ كان صعباً وقاسياً، ثم الانصياع له والطاعة، وكذلك كان البلاء فى حَقِّ ولده الذى خضع وامتثل.

وجاء الفداء: { وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } الصافات: 107 ذبح بمعنى مذبوح، وهو الكبش الذي أنزله الله، فِداءً لإسماعيل.
ومضت بذلك سنة النحر في الأضحى، ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يرتفع منارة لحقيقة الإيمان ، وعظمة التسليم.

{ وتركنا عليه في الآخرين }..فهو مذكور على توالي الأجيال والقرون. وهو أمة. وهو أبو الأنبياء.
{ سلام على إبراهيم. كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين }..

وهذا جزاء الإيمان. وتلك حقيقته فيما كشف عنه البلاء المبين.
هل الذبيح إسماعيل أم إسحق ؟
المسلمون يعتقدون أن الذبيح إسماعيل، واليهود يقولون: الذبيح إسحق، وهذا القول مردود من عدة وجوه:

1- لو كان الذبيح إسحق لكانت مسألة الذبح والفداء وما يتعلق بهما من مناسك بأرض الشام، حيث عاشَ هناك إسحاق، أما وهى تُفعل في أرض الحجاز حيث وُلِد وعاش إسماعيل، فهذا دليل من المواقع على أن الذبيح إسماعيل.
2- أن القرآن صريح في أن الله لمّا بشر إبراهيم بإسحاق قرن تلك البشارة بأنه يولد لإِسحاق يعقوب، قال تعالى:{ فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب }هود: 71
وكان ذلك بمحضر إبراهيم فلو ابتلاه الله بذبح إسحاق لكان الابتلاء صورياً لأنه واثق بأن إسحاق يعيش حتى يولد له يعقوب لأن الله لا يخلف الميعاد.
ولمّا بشره بإسماعيل لم يَعِدْه بأنه سيُولد له وما ذلك إلا توطئة لابتلائه بذبحه فقد كان إبراهيم يدعو لحياة ابنه إسماعيل. فقد جاء في «سفر التكوين» الإِصحاح السابع عشر «وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك فقال الله: بل سارة تلد لك ابناً وتدعو اسمه إسحاق وأقيم عهدي معه عهداً أبدياً لنسله من بعده». ويظهر أن هذا وقع بعد الابتلاء بذبحه.

3- أنه لو كان المراد بالغلام الحليم إسحاق لكان قوله تعالى بعد هذه الآيات:
{ وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالِحينَ }الصافات: 112
لكان تكريراً لأن فعل: بشرناه بفلان، غالب في معنى التبشير بالوجودفالله تعالى قال (فبشرناه بغلام حليم ) ثم قال بعد ذلك عاطفاً على البشارة الأولى:
{ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }الصافات: 112
فدل ذلك على أن البشارة الأولى شيء غير المبشر به في الثانية لأنه لا يجوز حمل كتاب الله على أن معناه: فبشرناه بإسحاق، ثم بعد انتهاء قصة ذبحه يقول أيضاً: وبشرناه بإسحاق، فهو تكرار لا فائدة فيه ينزّه عنه كلام الله، وهو واضح في أن الغلام المبشَّر به أولاً الذي فُدي بالذبح العظيم، هو إسماعيل، وأن البشارة بإسحاق نص الله عليها مستقلة بعد ذلك.

4- ويستأنس لهذا بأن المواضع التي ذكر فيها إسحاق يقيناً عبر عنه في كلها بالعلم لا الحلم، وهذا الغلام الذبيح وصفه بالحلم لا العلم.

5- وقد ورد ما يثبت صحة ذلك في التوراة في الإصحاح الثالث والعشرين في سفر التكوين (وأوحى الله إلى إبراهيم أن اصعد بابنك الوحيد جبل الموريا وقدَّمْه قرباناً لي)
و كان إسماعيل عليه السلام وحيداً وقد وُلِد إسحق وعمر إسماعيل أربعة عشر عاماً.
وفى الإصحاح الرابع والعشرين (وُلِد إسحقُ وعمر إسماعيل أربع عشرة سنة).
وَإِنَّمَا قالوا إن الذبيح هو إِسْحَاق لِأَنَّهُ أَبُوهُمْ وَإِسْمَاعِيل أَبُو الْعَرَب فَحَسَدُوهُمْ فقالوا مقالتهم أن الذبيح هو إسحق .
تنبيه :
من المشهور في هذا المقام حديث " أنا ابْنُ الذبيحين " أي: فداء أبيه عبد الله من الذبح بمائة ناقة، وأما الذبيح الثاني فإسماعيل عليه السلام الذي فَدَاه ربه بكبش.
قال الألباني في السلسلة الضعيفة تحت رقم 331 : (هذا الحديث لا أصل له )
نعم قصة فداء والد النبي بمائة ناقة مذكورة تاريخيا لكن لا يعنى ذلك صحة هذا الحديث
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام عمار*
عضو vip
عضو vip
ام عمار*


انثى
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 28/05/2011
عدد المشاركات عدد المشاركات : 10421
العمر العمر : 34

قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر   قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر I_icon_minitime9/11/2011, 9:37 pm

قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر 12887445016
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ام تسنيم حبيبتى
نائب المديره العامه
نائب المديره العامه
ام تسنيم حبيبتى


انثى
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 18/03/2011
عدد المشاركات عدد المشاركات : 11045

قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر   قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر I_icon_minitime10/11/2011, 2:57 pm

آختي سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ


موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنهـ


كلمآتـ كآنت ,, وسوف تزآل بآلقلبـ ,,


يــ ع ـطيكـ الــ ع ـآآفيهـ على مآطرحتي لنآآ يـآآلــ غ ـلآآآ






,,
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة الذبيح إسماعيل دروس وعبر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دروس وعبر من سورة مريم
»  دروس فى فن الأتيكيت
» تفريغ اولى دروس الفقه (باب الطهاره)
» دروس هنحافظ على صحتنا و نغير عاداتنا في رمضان
» دروس مرئية وصوتية لعلماء ومشايخ المسلمين عن شهر رمضان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
كيداهم :: كيداهم المسلمه :: الفقه والعقيده-
انتقل الى: