نمط الحياة الصحي .. سبيلك للوقاية من ارتفاع ضغط الدم

هناك بعض الأمراض الصامتة التي تتسلل إلى الجسم دون أن يلاحظها المريض لكونها لا تتسبب في متاعب حادة أو لا تترتب عليها عواقب مباشرة. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم من هذه الأمراض التي تعرض حياة المريض للخطر بسبب اكتشافها في وقت متأخر للغاية. وللحيلولة دون حدوث عواقب وخيمة ينبغي أن يتدخل المريض في الوقت المناسب ويتخذ التدابير الوقائية. وتتمثل أولى هذه التدابير في العلاج غير الدوائي، أي اتباع نمط حياة صحي.

وأوضح الدكتور هانز يورغ هيبه، أخصائي القلب بمستشفى مونستر الجامعي غربي ألمانيا، قائلاً :"لا يلاحظ الإنسان الارتفاع الشديد في ضغط دمه؛ إذ أن الجسم لا يوجد به عضو إحساس خاص بذلك". لذا يمكن أن يُحدث ضغط الدم المرتفع تغييرات بجدران الأوعية الدموية على مدار فترة زمنية طويلة ومن ثم يُلحق أضراراً بالغة بها وبالقلب والكُلى والمخ، ما قد يترتب عليه الإصابة بأمراض خطيرة مثل السكتات الدماغية أو الأزمات القلبية أو الفشل الكلوي. وأضاف الدكتور هيبه :"غالباً ما تكون هذه الأمراض هي الأحداث التي يكتشف فيها المريض معاناته من ارتفاع شديد بضغط الدم".

ولكن يجب ألا ينتظر المرضى حتى يأخذ المرض منحنى دراماتيكي، حيث يقول الدكتور هربرت بروك، عضو الرابطة الألمانية لأطباء القلب بمدينة ميونيخ جنوبي البلاد، إن هناك مرضى يعانون من ارتفاع شديد في ضغط الدم يأتون إلى عيادته لشكهم في إصابتهم بأمراض الشريان التاجي. وأضاف بروك :"يأتي هؤلاء المرضى إلى العيادة لمجرد شعورهم بدوار أو صداع أو ضغط في الصدر".

ويلتقط الدكتور هيبه طرف الحديث ويقول إن هذه الأعراض تبدأ في الظهور عندما تكون القيمة العلوية لضغط الدم أكثر من 200 ميلليمتر زئبق (mmHg). وأوضحت الجمعية الألمانية لعلاج ضغط الدم المرتفع أن القيمة الطبيعية لضغط الدم تبلغ

120/80، مشيرةً إلى أنه بدءاً من قيمة 140/90 فأكثر يكون الإنسان مصاباً بارتفاع ضغط الدم. وأضافت الجمعية الألمانية أن القيم التي تتراوح بين 140/90 و 159/99 تصنف كارتفاع طفيف في ضغط الدم، في حين تصنف القيم التي تتراوح بين

160/100 و 179/109 كارتفاع متوسط في ضغط الدم. ومع هذه القيم لا يشعر المريض في المعتاد بمشكلته. وبدءاً من قيمة 180 فأكثر يُوصف ارتفاع ضغط الدم بالشديد.

وتتمثل أسهل طرق اكشاف ضغط الدم المرتفع في قياسه بصفة دورية، سواء عند زيارة الطبيب في كل مرة أو في لحظة هادئة بالمنزل. ويقول أخصائي القلب الألماني هيبه إن الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابون بارتفاع ضغط الدم وكذلك كبار السن والبدناء ومرضى السكري ومرضى الكُلى هم أكثر الأشخاص الذين ينبغي أن يولوا اهتماماً كبيراً بقياس ضغط الدم لديهم بانتظام، معللاً ذلك بقوله :"هؤلاء الأشخاص يكونوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم". ويلتقط الدكتور بروك طرف الحديث ويقول :"إذا زادت قيمة ضغط الدم على 140 أكثر من مرة، فينبغي على المرء أن يأخذ ذلك على محمل الجد ويتخذ بعض التدابير لخفض هذه القيمة".

وتتمثل أولى التدابير الوقائية في العلاج غير الدوائي، أي اتباع نمط حياة صحي، ويقول الدكتور بروك :"أتعمد أن أصف نمط الحياة الصحي بالعلاج أمام مرضاي، كي أُشعرهم بأننا نفعل شيئاً ما، ومن ثم يأخذون الأمر على محمل الجد". وأشار بروك إلى أن نمط الحياة الصحي لا يجعل هناك حاجة إلى العلاج الدوائي في بعض الأحيان. كما تنصح الجمعية الألمانية لأمراض القلب أيضاً مرضى ضغط الدم المرتفع باتباع أسلوب حياة صحي في بادىء الأمر، وذلك بأن يواظبوا على ممارسة رياضات قوة التحمل من قبيل المشي السريع وركوب الدراجات والركض والسباحة خمس مرات أسبوعياً لمدة 30 دقيقة قدر المستطاع. كما ينصح الدكتور بروك مرضى ضغط الدم المرتفع بممارسة تمارين تقوية العضلات على نحو خفيف.


ويؤكد بروك أن إنقاص الوزن يلعب أيضاً دوراً هاماً في خفض ضغط الدم المرتفع، موضحاً :"هناك صلة واضحة جداً بين ضغط الدم والوزن؛ حيث ينخفض ضغط الدم بمعدل 1 إلى 2 mmHg مع كل كيلوغرام يتم إنقاصه". وأضاف بروك :"بحسب دراسات، لا تخفض الأدوية بالضرورة ضغط الدم بمعدل أعلى من ذلك". كما ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يتمثل في الإقلال من الملح والوجبات الجاهزة قدر المستطاع. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي الإقلاع عن الكحوليات والتدخين وتجنب التوتر العصبي.

وعندما يتوجب على المريض اللجوء إلى العلاج الدوائي على الرغم من كل هذه التدابير، فإنه عادةً ما يضطر لتعاطي عدة أدوية. ويعلل الدكتور هيبه ذلك بقوله :"هدف خفض ضغط الدم إلى قيمة 140/90 لا يتحقق غالباً بتعاطي مستحضر واحد فقط"، مشيراً إلى أن تناول عدة أدوية يسهم في السيطرة على آثارها الجانبية بشكل أفضل.

صندوق المعلومات: قياس ضغط الدم

تُبين قيمة ضغط الدم المُقاسة ضغط الدم في الشرايين. ويتم قياس ضغط الدم بقيمتين مختلفتين ترتبطان بارتفاع وانخفاض ضغط الدم في الشرايين أثناء عملية ضخ الدم التي تقوم بها عضلة القلب. ويُسمى ضغط الدم أثناء انقباض القلب بالضغط الانقباضي Systolic Pressure وفي حالة الانبساط يُسمى الضغط الانبساطي Diastolic Pressure، ودائماً ما يكون الضغط الانقباضي أعلى في قيمته من الضغط الانبساطي. وعند قياس ضغط الدم تكتب القراءة على هيئة كسر، مثل 120/80، حيث تكون قيمة الضغط الانقباضي هي العليا وقيمة الانبساطي هي السفلى.

اللهم احفظنا جميعا من الامراض
جزاكى الله خير