أرشح عمر بن الخطاب للرئاسة 

كلما اعتلى المنبر أحد رؤسائنا ليلقي على الشعوب خِطَاب

وددنا أن نرشحك رئيساً وأنت في قبرك يا عمر بن الخطَّاب

قم يا عمر من قبرك وأنفض عن جسدك الطاهر الثرى

لتعيد إلقاء خطابات عدلك وحمايتك لرعيتك على الورى

عُد يا عمر بسيف العدل لحساب الظالم ونجدة المظلوم

لتخطب في الطغاة وتعلم الحاكم كيف يرعى المحكوم

عُد لترَ كيف توشَّح الحكام في قصورهم ديباج الحرير

وأطفال الشوارع في همومهم يتجرعون العلقم المرير

ما زلنا نذكر يا عمر أنك منعت الحلوى عن أطفالك

خشية أن تأخذ من بيت مال المسلمين ما يحرّم مالك

من أين لنا بحاكم مثلك يا رمز العدل يا أمير المؤمنين

يا مَنْ قرقر بطنك من الجوع حتى يشبع أطفال المسلمين

عُد يا مَنْ بكيت خشية أن يسألك الله عنَّا يوم القيامة

لترَ افتراء حكامنا وقد ضيعوا أمجاد القادة القدامى

أين المعتصم الذي غزا الروم ثأراً لصرخة امرأة وامعتصماه

ليثأر في عهدنا لأكثر من ألف أم زلزل الأرض صراخها بالآه

أين صلاح الدين أين القادة الأبطال فهل سيعيد التاريخ نفسه؟

ويعيد لنا أمجاد الإسلام وينتصر سيف الحق وتشرق شمسه؟

أين أنت يا عمر يا الفاروق يا مَنْ فرقت بين الحق والباطل

لترَ قادة نضالها ليس للحق بل من أجل كراسيها تناضل

عُد يا عمر يا مَنْ سهرت الليل على رعاية مصالح العباد

لترَ حكام في سبيل الاحتفاظ بكراسيهم طغوا في البلاد

يا مَنْ خشيت سؤال الله لك عن بغلة لم تصلح لها الطريق

و حكام عهدنا يعاملونا معاملة البغال ويُحمُّلونا ما لا نطيق

أقمت العدل فلم تطلق أبداً جيشك لإرهاب المعارضين

بل استجبت لهم خشية تقصيرك رغم أنك من المبشرين

عُد يا عمر يا مَنْ لم ترض الدنية في دينك أو دنياك

لترَ كيف ألهتنا دنيانا عن ديننا فانحدرنا حتى الهلاك

كنت عزاً لنا بثوبك المرقع ورأسك الطاهر يتوسد التراب

وأهاننا اليوم حكام في أوج قصورهم لم يجلبوا إلا الخراب

أخفت الفرس والروم بحمايتك وجسدت معنى الصمود

وحكامنا ليصمدوا وضعوا رقابنا تحت حد سيف اليهود

عمر لم ينمي ثروته بدرهم واحد من بيت مال المسلمين

لم يتوسد الحرير وشعبه في المستنقعات يتوسد الطين

عمر استمع لكل معارضيه وناقشهم وشاورهم في المحن

لم يعتقلهم لم يمتهنهم لم يشكك أبداَ في انتمائهم للوطن

لم يصنفهم ضمن الإرهاب الذي يخطط لمصيره المشؤوم

لم يصفهم بالكفرة الخونة المدعومين من الفرس والروم

لم يعتقل الرجل الذي قال له: لا سمع ولا طاعة لك يا عمر

بل طلب من ابنه عبد لله أن يوضح للرجل حقيقة الأمر

فصاح الرجل قائلاً: الآن نسمع ونطيع يا عمر

الآن نسمع ونطيع يا عمر

من يسمع عمر وهو يخطب في الناس في عام الرمادة

سيعذر ثورة غضب الشعب عند سماعهم لخطاب القادة

عمر لم تأخذه العزة بالإثم بل استشعر كل لوم تلقاه

وبكى بشدة عندما قيل له يا أمير المؤمنين اتق الله

عمر كان يقبل بمعارضة أي امرأة أو رجل من غمار الناس

كان العدل والتواضع والمشورة لقوته وهيبته الأساس

تشرَّف عهدك يا عمر بفتح القدس العتيقة ومصر الغالية

وشهد تاريخ حكمك ما نفخر به اليوم من أمجادِ عالية

أين أنتم من عمر يا مَنْ أهنتم شعوبكم باستخفاف واستكبار

تنامون ملء جفونكم ويتشرد أطفال لم يجدوا في وطنهم دار

أين أنتم من عمر يا مَنْ دنستم تاريخ عهدكم بالهزائم والعار

من أين لنا بقائد مثلك يا عمر يُعيد لنا زمن المجد والفخار؟!